نشأت سوق صغيرة ومؤقتة هذه الأيام هي سوق تسجيل الطلبة والمعلمين في منصة التعليم عن بعد "مدرستي"، وهو أمر كنت أتوقعه بناء على معطيات تاريخية معروفة.
بدأ السعر بعشرة ريالات للتسجيل الواحد، وبحسب إحدى الصحف وصل إلى 30 ريالا، وفي صحيفة أخرى يراوح بين 30 و40 ريالا، وإذا استمر الطلب في الارتفاع سيتضاعف السعر، لأن هذه السوق زائلة لا محالة مع انتهاء تسجيل الجميع.
في كل مرة تتحول إحدى الجهات إلى الخدمات الإلكترونية ينشأ مثل هذه السوق لعدة أسابيع ثم ينقرض. حدث ذلك عندما أصبحت كتابة العدل تعمل بنظام المواعيد الإلكترونية، ورأيت بعيني رجالا سعوديين وأجانب "باسطين" أمام كتابة العدل بأجهزة الحاسب المحمولة يسجلون المواعيد بأسعار متفاوتة، ورأيت ذلك أمام المحكمة العامة في مكاتب صغيرة تقوم برفع أو لعله تسجيل الدعوى إلكترونيا بعد التطورات الجديدة والجيدة التي أنجزتها وزارة العدل.
تذكرت بدايات "أبشر"، أو سداد المخالفات المرورية عبر الصراف الآلي، وكلها مناسبات لجأ فيها البعض إلى تجار الحقيبة لإنجازه، إما لأنه لا يعرف لغة العصر، وإما لإيحاء خاطئ يتناقله أن التسجيل أو الإنجاز عبر هؤلاء مضمون، وهذا يشبه تعبئة نموذج إحدى خدمات الجوازات قبل مرحلة "أبشر"، حيث يعتقد البعض أن تعبئته عن طريق الأكشاك أفضل من تعبئته بنفسه ووقوعه في خطأ ما.
تحتار في موقفك من هؤلاء "الشطار" الذي يركبون الموجات، وهل هي مسألة "استرزاق" أو "استغلال"، وهذه الموجة الأخيرة تحديدا أشم فيها رائحة مراكز خدمات الطالب، وربما مكاتب الخدمات العامة، وكلاهما من سلبيات بيروقراطية الجامعات والمدارس قديما، وبعض الجهات الحكومية التي يفترض أن التقنية تقضي عليها.
تمنيت أن الوزارة جعلت الأسبوع التجريبي الذي اضطرت إليه قبل الدراسة بأسبوع، وأنها استثمرت موقعها أو تطبيقها الأول " نظام نور" في هذا الشأن، أو على الأقل أجلت الربط بتطبيق توكلنا أو الدخول من خلاله.
المهم والخطير في كل ذلك هو قضية البيانات، فالمستعينون بتجار هذه الفرصة يقدمون بياناتهم الشخصية على طبق من ذهب لأناس غرباء عنهم ليس بالضرورة أن يكونوا جميعا من أصحاب الضمير الحي، وهذا للمتأمل منجم ذهب لأي محتال أو من كان في قلبه مرض وفي عقله إجرام، فمن يلجأ إلى هؤلاء سيزودهم بكل ما يطلبون ليعجل من تسجيله.
في هذا العصر بياناتك الشخصية أثمن وأخطر مما تتصور، لأنها تدر كثيرا من المال.
from صحيفة الاقتصادية https://ift.tt/2YTLrmM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق